بداية قصه موسى علية السلام مع الخضر .
قصة موسى علية السلام مع الخضر تمثل لنا الغيبيات التى نقف أمامها عاجزين عن فهمها ، وتبين أننا جميعا حتى الأنبياء المكرمون لا نعلم إلا ما علمنا الله إياة فالبشر لا يمكنهم الإدراك أو الإحاطة التامة بالعلم.
موسى علية السلام رسول موحى إليه ومعة كتاب الله(التوراه)الذى فيه تعاليم ومنهج حياة لبنى إسرائيل، والخضر أتاه الله علم من عندة وعلمةمن لدنة علما ،فكل منهم لدية علم ليس عند الأخر،وليس هذا معاناة أن الخضر يعلو موسى علية السلام ،ولكن المقصود أن كل منهم له علم خاص به ولكنة فى النهاية غرضه الوصول إلى الله سبحانه وتعالى.
وبدأت القصة أن موسى علية السلام خطب خطبة فى بنى إسرائيل فسألة شخص .
أى الناس اعلم؟
فقال موسى علية السلام أنا أعلم الناس، وأجاب الشخص الذى سألة بذلك .
فعتب الله سبحانة وتعالى علية أنه لم يرد العلم إلى الله تعالى ونسبة إلى نفسة ،فأراد الله أن يعرف موسى علية السلام أن مهما الله سبحانة وتعالى أتاه من العلم فهناك من أتاه الله علما لم يعرفه موسى علية السلام .
فأوحى له .....أن هناك عبدا صالحا أعلم منه عند صخرة بمجمع البحرين فأراد سيدنا موسى أن يقابله ليتعلم من علمة.
قيل أن البحرين هما (البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر)،وقيل أن البحرين هما (بحر الروم وبحر فارس)،(وقيل بحر الأندلس،وقيل نقطة اجتماع البحرين عند طنجة )والله أعلى وأعلم بالمكان الصحيح.
رحلة البحث عن( الخضر)
فأوحى الله له .....أن يأخذ معه حوت (نوع من أنواع السمك فالحوت فى اللغة هو نوع من السمك بشكل عام)ويجعلة فى مكتل (يشبه الوعاء) فعندما يفقد الحوت يجد العبد الصالح (الخضر)هناك .
(يقول الله تعالى فى صورة الكهف :٦٠)
(وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضى حقبا).
فكان هدف سيدنا موسى هو الوصول( للخضر) كى يستزيد من علمة حتى لو السفر أستغرق حقبة من الزمن والحقبة هى (فترة طويلة من الزمن قد تكون سنة أو ٧٠ أو أكثر ).
فقدان موسى علية السلام وفتاه للحوت.
فأخذ موسى علية السلام الحوت وذهب مع فتاه(يوشع بن نون)وطلب منه أن يخبرة عندما يفقد الحوت ،وانطلقا فى البحر حتى وصلا إلى صخرة وغلب عليهم النعاس ،عندما مس الحوت بعض الماء قفز إلى البحر يقال إن الحوت كان غير حى وهذة الصخرة كانت بجوار عين تسمى عين الحياة فعندما لمس الماء الحوت أحياة الله والله سبحانة وتعالى أعلى وأعلم .
عندما قفز الحوت فى الماء كان له أثر واضح فى الماء فكانت دليل لسيدنا موسى علية السلام عندما رجع بحثا عنه.
عندما قفز الحوت إلى الماء رآة فتاه(يوشع بن نون) وهو بين اليقظة والنوم،عندما استيقظ موسى علية السلام نسى أن يسأل فتاه عن الحوت وأيضا فتاه نسى أن يخبرة أنه فقدة.
واستمرا فى البحر حتى اتعبهم السير.
فقال موسى .....لفتاه آتنا غدائنا لقد ارهقنا السفر، فموسى علية السلام لم يتعب مثل التعب الذى شعر به منذ جاوزا الصخرة.
فعندما قام فتاه لإحضار الطعام تذكر الحوت الذى قفز إلى البحر، فقال لموسى علية السلام أنه فقدة عند الصخرة ونسى أن يخبره ،وأن نسيانة كان من الشيطان وقد اتخذ الحوت طريقة فى البحر بحالة عجيبة.
(يقول الحق سبحانه وتعالى فى سورة الكهف ٦٣:٦١)
(فلما بلغا مجمع البحرين نسيا حوتهما فأتخذ سبيله فى البحر سربا(٦١)فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غدائنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا (٦٢)قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فأنى نسيت الحوت وما أنسانية إلا الشيطان أن أذكره وأتخذ سبيله فى البحر عجبا(٦٣))
مقابله موسى علية السلام مع( الخضر).
فعاد موسى علية السلام وفتاه إلى الطريق الذى جاءا منه لأن فقدان الحوت هو علامة وصولهما فتتبعا آثار الحوت وبالفعل وجدوا( الخضر)
(يقول الحق سبحانة وتعالى فى سورة الكهف ٧٠:٦٦)
(قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا(٦٤)فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما(٦٥)قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا(٦٦)قال إنك لن تستطيع معى صبرا (٦٧)وكيف تصبر على مالم تحط به خبرا (٦٨)قال ستجدنى إن شاء الله صابرا ولا أعصى لك أمرا(٦٩)قال فإن اتبعتنى فلا تسألنى عن شئ حتى أحدث لك منه ذكرا(٧٠))
طلب موسى علية السلام من الخضر بكل تواضع أن يتبعة ليتعلم منه، فسيدنا موسى عنده من العلم ما لا يعلمه الخضر، وبالمثل الخضر عنده من العلم ما لا يعلمه موسى علية السلام، فالخضىر عنده بواطن الأمور التى قد تكون فى ظاهرها ظلم ولكنها فى الحقيقة منتهى الرحمة والعدل .
أما موسى علية السلام عندة علم كتاب التوراة وهو الشريعة والأحكام الظاهرة.
لذلك طلب منه الخضر أن يصبر ولا يسأله عن شئ حتى يخبرة بنفسة عن الحكمة من تصرفة وكان ذلك اختيارا لموسى علية السلام وليس إجبارا وافق موسى علية السلام ووعدة أنه لن يخالف له أمر ولن يسأله عن شئ.
(يقول الحق تعالى فى سورة الكهف ٧٨:٧٠)
(قال فإن اتبعتنى فلا تسألنى عن شئ حتى أحدث لك منه ذكرا(٧٠)فأنطلقا حتى إذا ركبا فى السفينة خرقها قال اخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا (٧١) قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معى صبرا (٧٢) قال لا تؤاخذنى بما نسيت ولا ترهقنى من أمرى عسرا(٧٣) فأنطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا (٧٤) قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معى صبرا (٧٥) قال إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبنى قد بلغت من لدنى عذرا (٧٦) فأنطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لأتخذت عليه اجرا(٧٧) قال هذا فراق بينى وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع علية صبرا(٧٨)
استنكار موسى عليه السلام لأفعال (الخضر )
بدأت الرحلة موسى علية السلام مع (الخضر) .....ركبوا سفينة وابحرت فى البحر فخرقها (الخضر)، استنكر موسى علية السلام هذا الفعل وقال له خرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا ،بمعنى أن هذا الأمر فيه أذية وضرر، سيدنا الخضر ذكر موسى علية السلام بالأتفاق الذى بينهم وهو انه لا يسأله عن شئ حتى يخبره بنفسة عن الأسباب، وقال له ألم أقل لك إنك لا تستطيع الصبر فطلب موسى علية السلام أن يعذرة ولا يؤاخذة على نسيانه.
بعد ذلك وصلوا إلى قرية، واكملو السير أثناء سيرهم وجدوا اطفال يلعبوا أخذ (الخضر )طفل منهم وقتله .
تعجب موسى علية السلام..... فلا يوجد ذنب أشد من القتل فأعترض على قتل هذا الطفل، وخصوصا أنه لم يفعل ذنب يستحق القتل أو القصاص .
اعتراض موسى علية السلام أول مرة كان نسيان منه ،لكن فى هذه المرة كان من نفاذ صبرة فهو لم يستطيع السكوت على هذا الذنب العظيم .
ولكن الخضر ذكرة بالاتفاق الذى بينه وحذرة أن المرة الثالثة ستكون فراق بينهم .
اكملو رحلتهم حتى وصلوا إلى قريه .....طلبوا من أهل هذا القرية إطعامهم بإعتبار أنهم ضيوف وعابرى سبيل، فهم لم يطلبو منهم سوى إطعامهم فقط وهذا يدل على سوء طباع اهل هذة القريه وبخلهم، فهم رفضوا أن يقدموا لهم واجب الضيافة .
أثناء سيرهم .....وجد الخضر جدار على وشك السقوط فأعاده الخضر ،قال له موسى لماذا لم تأخذ عليه أجر؟
وكان اعتراضه هذا المرة عمدا ، فقال له الخضر هذا وقت الفراق بينى وبينك ولكن قبل الفراق سأخبرك بالأسباب التى لم تستطيع الصبر عليها.
بيان الحكمة من تصرفات( الخضر)
يقول الحق سبحانة وتعالى فى سورة الكهف(٨٢:٧٩)
(أما السفينة فكانت لمساكين يعملون فى البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا (٧٩)وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا(٨٠) فأرادنا أن يبدلهما ربهما منه زكاة وأقرب رحما(٨١) وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين فى المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمرى ذلك تأويل ما لم تستطع علية صبرا(٨٢).
اعترض موسى عليه السلام ثلاثه مرات ،ذلك كان الفراق بينهم حسب اتفاقهم ،واخبرة بسر هذةالأمور التى لم يستطيع الصبر عليها .
فكان موسى علية السلام نبى ،فمن الطبيعى أنه يغار على الحق ولا يقبل أى منكر ،ولكن الخضر لم يقم بهذة الأفعال من تلقاء نفسة ،ولكنها كانت بوحى من الله عز وجل.
السفينة ....كانت مصدر رزق وحيد لمساكين يعملون عليها كان هناك ملك ظالم يأخذ كل سفينة يعجب بها فأراد الخضر أن يعيبها بعيب بسيط لا يغرق السفينة ولكنه يكون سبب لترك الملك السفينة لأصحابها بهذا العيب، فهم كانوا فى أشد الحاجة إليها.
أما بالنسبة للغلام ....فهذا الغلام سيكون سبب فى شقاء والديه وفساد دينهم بسبب شدة حبهم له ،فكان قتله رحمة لوالدية والله سبحانه وتعالى عوضهم بخير منه ،وكان هذا بوحى من الله بالتأكيد.
أما الجدار.... فقد ذكرنا أن أهل القرية اصحاب طباع سيئه ورفضوا حتى إطعام الضيوف الذين لم يطلبوا سوى الطعام، الذى هو من ضروريات الحياة، وكان تحت هذا الجدار كنز لطفلين يتيمين وكان والديهم صالحين ،فلو علموا بهذا الكنز سيأخذوة ويضيع حق الطفلين اليتيمين الضعاف فأراد اللة أن يحفظه لهم حتى يقويا ويستطيعا إخراجه بنفسهم.
العبرة من قصة موسى على السلام والخضر.
تعلمنا أن مهما بلغ علم الانسان فعليه أن لا يتكبر، وأن يتواضع فى طلب العلم من غيرة، ويعلم جيدا أن هناك من هو أعلم منه وهذا كله بفضل من الله ولا أحد اعلم من الله سبحانة وتعالى.
والله سبحانة وتعالى ضرب لنا بهذه الأمثال الثلاثة، مثل نتعلم منه أن جميع الأحداث فى حياتنا مدبرة بحكمة من الله ورحمة وعدل ،وهى خير فى جميع الاحوال حتى لو كان الظاهر لنا غير ذلك.
سواء كان الابتلاء فى المال.... مثل أصحاب السفينة فهو خير لهم فى النهاية.
أو الابتلاء فى الاولاد ....مثل قتل الغلام كان خير لهم فى النهاية .والله سبحانة وتعالى عوضهم خير منه برحمتة .
أو يكون الابتلاء فى قسوة من حولك.... بالرغم من إنك تقوم بالخير معهم مثل أصحاب القرية فهو خير فى جميع الأحوال .
فعلينا أن نرضى بالقضاء والقدر ونسلم لأمر الله ونشكرة دائما وأبدا.