قصة طالوت وجالوت.
بعد موسى علية السلام أرسل الله إلى بنى إسرائيل الكثير من الأنبياء وذلك بسبب كثرة ارتدادهم عن الحق ، وكثرة ضلالهم وعصيانهم لأوامر الله ،وتكذيبهم الأنبياء.
ذاد الفساد بينهم وانتشرت الحروب بينهم وبين جيرانهم من العمالقة والجبارين ،وذادت أيضا هزائمهم وقتل وأسر منهم الكثير والكثير ،وتوالت عليهم الحروب وكان مصيرهم الهزيمة فى كل حرب ،لدرجة أنهم فقدوا التابوت فى أحد الحروب.
وكان نبيهم فى ذلك الوقت شمويل علية السلام الذى دعاهم كثيرا لعبادة الله وحدة من جديد ،والتوبة والرجوع إلى الله، ولكن كعادة بنى إسرائيل استمروا على ما هم علية من الضلال .
ولكن مع توالى الهزائم التى لحقت بهم ووصولهم إلى قمة الذل والهوان ،اجتمع كبار بنى إسرائيل وذهبوا إلى نبيهم شمويل ليطلبوا منه الجهاد فى سبيل الله.
طلب بنى إسرائيل الجهاد فى سبيل الله.
يقول الله تعالى فى سورة البقرة (٢٤٦)
(ألم تر إلى الملأ من بنى إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبى لهم ابعث لنا ملكا نقاتل فى سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل فى سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين(٢٤٦)).
أدرك بنى إسرائيل أن لا نصر لهم إلا فى سبيل الله، فطلبوا من نبيهم أن يبعث لهم ملكا يقودهم للقتال فى سبيل الله ويدخلوا فى معركة مع أعدائهم .
ولكنة كان على علم بطبعهم ونقضهم للعهود فقال لهم (هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا).
فخشى أن يمتنعو عن القتال بعد ما كتبه الله عليهم وخصوصا أنه لم يكن مفروض عليهم بل هم من طلبوه من الله فكتبه الله عليهم .
ولكنهم قالوا (وما لنا ألا نقاتل فى سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا).
فلم يكن لهم اختيار سوى القتال فى سبيل الله لينقذوا أنفسهم من ذل أعدائهم ولا سبيل للنصر إلا بأمر الله.
وبالرغم من أنهم هم من طلبوة ففرضه عليهم الله ،ولكنهم تعذروا ورفضوا القتال إلا عدد قليل منهم .
اختيار الله طالوت ملكا عليهم وسبب رفضهم له.
يقول الله سبحانة وتعالى فى سورة البقرة (٢٤٧).
(وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة فى العلم والجسم والله يؤتى ملكة من يشاء والله واسع عليم(٢٤٧))
الله سبحانة وتعالى كتب عليهم القتال كما أرادوا وبعث لهم (طالوت ملكا عليهم) لكنهم رفضوا واعترضوا علية.
وسبب رفضهم.... أنه فقير ولم يؤتى سعة من المال فكيف يكون ملكا عليهم، قاسوا الملك بكثرة المال ونسوا أن المقياس الحقيقى للملوك هو الإيمان واتباع طريق الهدى.
وكان السبب الثانى لرفضهم......أن بنى إسرائيل هم ذرية سيدنا يعقوب (١٢ أبن) وكانت الملك والنبوة محصورة فى ذريه (يهوذا_لاوى).
فكانت أنبيائهم من نسل (لاوى بن يعقوب).
والملك من نسل (يهوذا بن يعقوب).
فلما طلبوا من نبيهم شمويل عليه السلام أن يختار لهم ملكا فكانوا متوقعين أن يكون هذا الشخص من ذرية (يهوذا بن يعقوب).
ولكن طالوت كان من ذرية (بنيامين بن يعقوب)لذلك اعترضوا على هذا الأختيار ورفضوا أن يكون طالوت ملكا عليهم وقالوا إنهم أحق منه بالملك .
وكان رد نبيهم عليهم أن الله اصطفاه عليهم ، وأعطاه بسطة فى العلم فهو كان على علم بالدين وأساليب القتال، وأعطاة بسطة فى الجسم وقوة ،وهذا ما يتطلبه الجهاد فهو أكثر شخص مناسب لقيادتهم فى المعركة، فالله يعطى من يشاء ولا أحد اعلم من الله، ولكنهم رفضوه وقالوا لنببهم ما هى آية ملكه ؟بمعنى ما الدليل على أن طالوت هو أختيار الله؟
رجوع التابوت آية ملك طالوت .
أوحى الله تعالى لنبيه أن الدليل على ملك طالوت وأنه من اختيار الله رجوع التابوت .
ولكن ما هى قصة التابوت وكيف فقدوه؟
يقول الله سبحانه وتعالى فى سورة البقرة (٢٤٨)
(إن آيه ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمل الملائكة إن فى ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين(٢٤٨).)
ذكر الله سبحانه وتعالى التابوت فى القرءان الكريم مرتين ، مرة فى ....(سورة البقرة) فى هذة القصة .
ومرة فى......( سورة طه)(إذ أوحينا إلى أمك (٣٨)أن اقذفيه فى التابوت فاقذفيه فى اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لى وعدو له وألقيت عليك محبة منى ولتصنع على عينى(٣٩))
بعض المفسرين قالوا ..... إن التابوتين مختلفين.
وبعض المفسرين قالوا.... إنه نفس التابوت الذى أوحى الله لأم موسى عليه السلام أن تضعه فيه وتلقيه فى اليم ،وهذا هو الرأى الراجح.
فهذا التابوت كان ذات قيمة بالنسبة لبنى إسرائيل فهو الذى وضع فيه موسى عليه السلام وهو رضيع وانقذه الله من بطش فرعون ، وكان به بعض من ألواح التوراة، وبعض آثار موسى وهارون عليهما السلام.
فكان هذا التابوت مفقودا فقدوه أثناء هزيمتهم فى أحد الحروب ،واستولى عليه عدوهم، فكانوا يريدون استعادته والحصول عليه بأى طريقةمن أعدائهم فهو ذات أهمية بالنسبة لهم،ولم يستطيعو إستعادته.
وكان رجوع هذا التابوت هو العلامة على اصطفاء الله لطالوت بالملوك دون غيره .
وجاء التابوت مرفوعا بأيدى الملائكة بعد أن كان مفقودا وكان فى يد أعدائهم ليكون آية على اختيار الله لطالوت ملكا عليهم .
فلما رأوه وجدوا فيه السكينة لقلوبهم وبقية ما تركه موسى وآله وهارون وآله عليهما السلام.
وهناك اختلاف كبير فى معنى السكينة.
قيل إنها ...شئ تشبه الهرة كانوا إذا سمعوا صوته تيقنوا النصر فى الحرب
وقيل أنها....طست من ذهب من الجنة كان يغسل فيها قلوب الانبياء.
وقيل أنها ....رحمة وسكينة فى قلوبهم بسبب وجود التابوت بينهم وهذا هو الرأى الراجح أنها سكينة واطمئنان بقلوبهم.
رجع التابوت وأقر بنى إسرائيل بطالوت ملكا عليهم وبدأ فى تجهيز وإعداد جيشة للجهاد وكان عدد الجيش قليل بعد أن تولى بعضهم عن القتال .
فتنة النهر .
بعد أن تحرك الجيش نحو المعركة طلب طالوت منهم أن لا يشربوا من النهر الذى سيمروا عليه (نهر الأردن ) إلا أن يغترف الواحد منهم غرفة بيدة تروى عطشة ،ويشرب على قدر الحاجة والضرورة لإبقاءه حى فقط ،وهذا كان اختبار من الله لهم.
يقول الله تعالى فى (سورة البقرة ٢٤٩)
(فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس منى ومن لم يطعمه فإنه منى إلا من اغترف بغرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين(٢٤٩).)
كان مسموح لهم بقليل من الماء على قدر احتياجهم فقط ،ومما لا شك فيه أنه كان اختبار صعب لأنهم فى الصحراء وعطشى.
وكانت الحكمة من وراء هذا الأختبار...... أن يكون أفراد الجيش من الصفوة ،لأنه يحتاج إلى جيش به إرادة قوية حقيقية ،وخصوصا بعد كثرة هزائمهم وتكرارها فهو يعلم أنه سيقابل عدو ليس بالهين ولكنة شديد وقوى ، لذلك كان من الضرورى أن يقوى عزيمتهم .
والسبب الثانى ......أنهم فى طريقهم لحرب ومن الممكن أن يحاصروا أو ينفذ منهم الطعام والشراب،فهو أراد أن يدخل الحرب بجيش قوى على استعداد تام للمعركة ويكون على يقين من طاعة جنودة له ،وإخلاصهم فى الجهاد وكان هذا بوحى من الله سبحانة وتعالى.
فكان طلبه أن يشربو على قدر الضرورة ومن يعصى أمرة يخرج من الجيش ومن يطيعه يكون من الجيش المقاتل جيش طالوت.
فشرب من النهر إلا قليل منهم، فأمر طالوت من عصى أوامرة بالخروج فلا خير فى جندى يعصى أوامر قائدة ولم يصبر.
ولم يبقى من المقاتلين إلا عدد قليل معه وكان عددهم (٣١٣)،وبالرغم من قلة عددهم فهم كانوا صفوة الجنود وأكثرهم قدرة على التحمل والصبر ،وكان لابد من هذا قبل الدخول فى هذة الحرب الفاصلة .
بعد تجاوزهم النهر بدأ القلق يسير فى نفوسهم بسبب قلة
عددهم وقوة عدوهم،ولكن كان ضمنهم مقاتلون إيمانهم قوى وثقتهم بالله غلبت خوفهم ،فبثو الطمأنينة فى نفوس الباقين وطلبو النصر من الله وإفراغ الصبر عليهم .
يقول الله سبحانة وتعالى فى سورة البقرة (٢٥٠)
(ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين(٢٥٠)
بدء المعركة وقتل داوود عليه السلام جالوت.
بدأت المعركة....وكانت من عادة الحروب قديما أن يخرج مقاتل من الجيشين يحارب أولا قبل بدء المعركة.
والذى خرج من جيش جالوت هو جالوت نفسة وكان قوى مهيب لا أحد يقوى على قتالة.
فطلب طالوت من جيشة أن يخرج أحدهم لقتال جالوت ،وكرر السؤال أكثر من مرة وفى كل مرة لم يستجب أحد ،إلا شاب عمرة(١٦ عاما ) كان أصغرهم سنا وقليل القوة الجسدية ، ولكنة أشجعهم وأكثرهم إيمانا وثقة باللة.
هذا الشاب هو نبى الله داوود علية السلام .
فيقول الله سبحانة وتعالى فى سورة البقرة(٢٥١)
(فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين(٢٥١).)
خرج داود علية السلام لقتال جالوت فلما رآة جالوت قال له...أرجع انى أكره قتلك.
فرد داوود علية السلام وقال....لكنى احب قتلك، وكان سلاح داود علية السلام عبارة عن(مقلاع)وهى أداة يضع فيها الأحجار ويقذفها على العدو.
فأخذ المقلاع ووضع بها ثلاثة أحجار ثم أدارها فصارت الثلاثة حجرا واحدا ،ثم رمى بها جالوت ففلقت رأسه بأمر الله،
فقتل داوود جالوت ،قتل قائد الأعداد ، ولك أن تتخيل حرب يقتل قائدها قبل البدء فيها.
والتحم الجيشين ،وأنتصر جيش طالوت على جيش جالوت وهزموهم وكان لهم النصر بإذن الله .
وبعد هذا الانتصار العظيم...... تزوج داود علية السلام ابنة طالوت، وأصبح ملكا من بعدة، ورجع الملك إلى ذرية (يهوذا بن يعقوب)فكان سيدنا داود من نسل يهوذا واجتمع الملك والنبوة فى سيدنا داود علية السلام.
سرد اكثر من رائع
ردحذفحلوه جدا تسلمي ي رب
ردحذف